قصة السامري والعجل

قصة السامري والعجل



مقدمة

قصة السامري والعجل هي إحدى القصص التي وردت في القرآن الكريم، وهي تحمل دروسًا عظيمة تتعلق بالفتن، والتسرع في اتخاذ القرارات، والابتعاد عن عبادة الله سبحانه وتعالى. وقد دارت أحداث هذه القصة في فترة نبوءة موسى عليه السلام، عندما غاب عن قومه لفترة قصيرة، فوقعوا في فتنة عظيمة بعبادة عجلٍ من الذهب. وفي هذه القصة يظهر دور السامري في تحريض بني إسرائيل على عبادة العجل.

ورود القصة في القرآن الكريم

تُذكر تفاصيل قصة السامري والعجل في سورة طه، وتحديدًا في الآيات 83-98، حيث يروي القرآن كيف وقع بني إسرائيل في عبادة العجل بعد غياب موسى عليه السلام، وكيف كان السامري هو من أوقعهم في هذه الفتنة.

قال الله تعالى في سورة طه:

"وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ قُدْوُمَا قَوْمَكَ فِي أَمْرِهِمْ وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ" (طه: 92).

وتتابع الآيات لتشرح كيف انقاد بني إسرائيل إلى عبادة العجل، وكيف كان السامري هو من أشار إليهم بذلك.

تفاصيل القصة

1. غياب موسى عليه السلام

كانت بداية القصة عندما خرج موسى عليه السلام من بين قومه إلى موعد مع الله سبحانه وتعالى على جبل الطور، وترك معهم أخاه هارون عليه السلام ليقودهم في غيابه. وكان موسى قد أخذ منهم عهودًا بتوحيد الله واتباع تعليماته.

لكن بينما كان موسى غائبًا لفترة من الزمن، بدأ بعض من بني إسرائيل ينسون تعاليمه ويشعرون بالحاجة إلى شيء مادي يعبدونه.

2. ظهور السامري وتحريضه على عبادة العجل

كان السامري أحد الأشخاص الذين عاشوا بين بني إسرائيل وكان له دور مؤثر في الأحداث. لكن قلبه كان مليئًا بالشر والفتنة، فاستغل غياب موسى عليه السلام ليفتن بني إسرائيل في دينهم.

أخذ السامري من آثار خيل جبريل عليه السلام عندما مرَّ بهم أثناء مغادرته، واستخدمها لصنع عجلٍ من الذهب. ثم عرض عليهم هذا العجل وقال لهم: "هَذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهِ مُوسَىٰ". (طه: 88)

وكان السامري يعلم جيدًا أن بني إسرائيل كانوا يعانون من الشكوك والضعف في إيمانهم، فأغراهم بهذه الفتنة ليعبدوا العجل.

3. وقوف هارون عليه السلام في وجه الفتنة

عندما عاد موسى عليه السلام ووجد قومه يعبدون العجل، شعر بغضب شديد، وندم على غيابه عنهم في تلك الفترة القصيرة. وذهب مباشرة إلى أخيه هارون عليه السلام، وقال له:

"مَا فَاعَلَكَ إِذْ رَءَاهُمْ ضَلُّوا۟ أَلَّا تَتَّبِعَنِى أَفَسَخِيتَ أَمْرِى" (طه: 93)

لكن هارون عليه السلام حاول أن يهدئ الأمور وقال لهم إنهم كانوا في فتنة وأنهم لم يستجيبوا له عندما حذرهم من عبادة العجل.

4. إقرار السامري بخطأه

عندما واجه موسى عليه السلام السامري، اعترف الأخير بخطأه وأوضح كيف أنه استخدم آثار الخيل ليصنع العجل ويفتن بني إسرائيل.

قال السامري: "فَفَتَحْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِى نَفْسِى". (طه: 97)

وهكذا أقر السامري بأنه كان السبب في هذه الفتنة التي أدت إلى عبادة العجل، وكان يعترف بخطأه وحماقته في جعلهم يتبعونه.

5. توبة بني إسرائيل

بعد أن انتهت الحادثة وعاد موسى عليه السلام إلى قومه، أمرهم بتوبة صادقة عن هذا الذنب العظيم. وقام موسى عليه السلام بتوجيههم إلى الله سبحانه وتعالى في أوقات الشدة، وأمرهم بقتل الذين شاركوا في عبادة العجل، ومن ثم تابوا إلى الله.

قال الله تعالى في سورة طه:

"فَفَجَّرْنَا الْبَحْرَ بِهِمْ فَانْفَلَقُوا۟ فَجَاءَ قُومُهُمْ فِى رِيحٍ شَدِيدٍ" (طه: 97)

الدروس والعبر من القصة

1. أهمية التوحيد والطاعة

تُظهر القصة خطورة التفريط في عبادة الله والتخلي عن التوحيد. فقد كان بني إسرائيل قد شهدوا معجزات عظيمة من موسى عليه السلام، ولكن غياب موسى عنهم لفترة قصيرة جعلهم يتأثرون بسهولة بفكرة عبادة شيء مادي، وهو العجل.

2. الفتنة والضعف البشري

يُظهر السامري في هذه القصة كيف أن الفتنة يمكن أن تحدث عندما يضعف الإيمان ويقل الوعي الديني. كان السامري شخصًا فاسدًا استغل ضعف بني إسرائيل لكي يضلهم.

3. أهمية القيادة الحكيمة

يبرز دور هارون عليه السلام في محاولة منع بني إسرائيل من الانزلاق في هذا الضلال، لكنه لم يجد أذنًا صاغية منهم. ويجب أن نتعلم من ذلك أهمية القيادة الحكيمة التي تقود الناس إلى الخير في أوقات الفتن.

4. التوبة من الذنوب

قصة السامري والعجل تعلمنا أهمية التوبة والرجوع إلى الله بعد ارتكاب المعاصي. بعد أن تاب بني إسرائيل عن عبادتهم للعجل، أعطاهم الله الفرصة للتوبة وقبولها.

خاتمة

تعد قصة السامري والعجل من القصص التي تؤكد على أهمية الثبات على دين الله والابتعاد عن الفتن التي قد تضل الناس. كما تُظهر قدرة الله على هداية التائبين وقبول توبتهم، مهما كانت أخطاؤهم جسيمة.

Admin Vip
Admin Vip
تعليقات