قصة حمار العُزير
مقدمة
تعد قصة حمار العُزير من القصص التي وردت في القرآن الكريم، والتي تحمل العديد من الدروس والعبر. وهي واحدة من القصص التي تظهر قدرة الله سبحانه وتعالى على إحياء الموتى، وتُعتبر أيضًا تذكيرًا للإنسان بحقيقة الحياة والموت. في هذه القصة، يروي القرآن حادثة غريبة حدثت لنبي الله العُزير، والتي عُرفت بقصة "حمار العُزير". تمثل القصة حدثًا إعجازيًا يعكس قدرة الله المطلقة في خلق الحياة والموت.
ورود القصة في القرآن الكريم
قصة حمار العُزير وردت في القرآن الكريم في سورة البقرة، حيث قال الله تعالى:
"أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا ۚ قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۚ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۚ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ ۖ فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِجَعَلْنَاكَ آيَةً لِلنَّاسِ ۚ وَانْظُرْ إِلَىٰ عِظَامِهِ كَيْفَ نُحْيِيهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (البقرة: 259).
في هذه الآيات، يروي الله سبحانه وتعالى قصة رجل مر على قرية خربة، وكان يتساءل عن قدرة الله على إحياء الموتى. فكان العُزير في تلك اللحظة يشكك في قدرة الله على إحياء تلك القرية المدمرة، وكان هذا شكًا من العُزير الذي كان نبيًا. فأمر الله أن يموت العُزير مائة عام، ثم بعثه بعد تلك المدة ليشهد على قدرة الله سبحانه وتعالى.
تفاصيل القصة
1. العُزير ومروره بالقرية
قصة حمار العُزير تبدأ عندما كان نبي الله العُزير (أو عزير) في طريقه إلى إحدى القرى المدمرة، التي كانت قد تهدمت جدرانها، وتهدم كل شيء فيها. شاهد العُزير هذا المشهد المحزن، وتساءل عن قدرة الله على إعادة الحياة لهذه القرية بعد أن دمرت وأصبحت كومة من الخراب.
قال الله تعالى في كتابه الكريم:
"أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا". (البقرة: 259)
كانت هذه القرية مدمرة بالكامل، حتى أن الناظر إليها لا يرى فيها أي نوع من الحياة. وكان العُزير يتساءل في نفسه: "أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا؟" (البقرة: 259)
2. موت العُزير وعودته إلى الحياة
استجابة لتساؤلات العُزير، أمر الله سبحانه وتعالى أن يموت العُزير ويُحيا بعد مائة عام. وحدث ما أمر الله، فمات العُزير مدة مائة عام، ومن ثم بعثه الله بعد هذه المدة ليشهد على قدرته.
قال الله تعالى:
"فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ". (البقرة: 259)
عندما بعث الله العُزير، سأله الله: "كَمْ لَبِثْتَ؟" (البقرة: 259) فكان رد العُزير: "لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ". (البقرة: 259)
ثم أخبره الله أنه لبث مائة عام كاملة، وأشار إلى حمار العُزير وطعامه وشرابه. فقال الله تعالى: "فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ". (البقرة: 259)
كانت هذه معجزة عظيمة؛ إذ أن الطعام والشراب لم يتغيرا أو يتعفنوا رغم مرور مائة عام. بينما كان الحمار قد مات وتحول إلى هيكل عظمي، فأظهر الله العُزير كيف أن الله قادر على إحياء العظام واللحم، فبعث له الحمار حيًا بعد أن رأى العظام تُحيى وتتحول إلى لحم.
3. العبرة من القصة
بعد أن رأى العُزير هذه المعجزة، تأكد أنه لا شك في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، وأنه لا شيء مستحيل عليه. قال العُزير: "أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". (البقرة: 259)
الدروس والعبر من قصة حمار العُزير
1. قدرة الله المطلقة على الحياة والموت
الدرس الأهم من هذه القصة هو تأكيد قدرة الله على إحياء الموتى، وقدرته على خلق الحياة في جميع أشكالها. كما أن هذه المعجزة تبرز حقيقة أن الله هو من يملك الحياة والموت وأنه وحده القادر على إعادة الحياة لمن شاء.
2. التذكير بأهمية الإيمان بالله
قصة العُزير تذكر المؤمنين بأهمية الإيمان بالله وعدم الشك في قدرته. رغم أن العُزير كان نبيًا، إلا أن الله أعطاه هذه المعجزة لزيادة يقينه وإيمان المؤمنين بقدرة الله المطلقة.
3. تدبير الله في كل شيء
القصة تبرز أيضًا كيفية تدبير الله في الأمور، وكيف أنه يُرسل عبرًا للناس ليزدادوا إيمانًا ويقينًا في قدرته ورحمته. كما أن مرور العُزير بهذه التجربة كان لحكمة عظيمة أرادها الله.
4. أهمية التأمل في عجائب الله
التأمل في عجائب الله كما فعل العُزير يُعلمنا ضرورة التفكير في الآيات الإلهية في الكون، والتفكر في قدرة الله على إحداث المعجزات، وضرورة التواضع أمام عظمة الله.
خاتمة
قصة حمار العُزير هي إحدى القصص التي تبرز عظمة الله وقدرته على إحياء الموتى، وتحث المؤمنين على التفكر والتأمل في الحياة والموت. إنها تذكرنا بأن الله قادر على كل شيء، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. هذه القصة تعلمنا اليقين في الله والإيمان بقدرته في كل لحظة من حياتنا.